أرشيف

Archive for the ‘زاوية الروحانيات’ Category

كيف تعرف الرجل ؟

قرأت مقولة للإمام الشافعي رحمه الله يقول فيها : “لا تنظر إلى الرجل وإن بكى في سجوده ولكن انظر إليه عند الحلال والحرام.” .. فوجدت نظرة ثاقبة للإمام في معرفة أخبار الناس .. ويشبه هذا الموقف موقف الفاروق رضي الله عنه حينما سأل عن رجل فقال له من رجل أنا أعرفه لأنني أسكن بجواره فقال له الفاروق هل صحبته في سفر ؟ قال : لا .. قال هل تعاملت معه بالدينار والدرهم ؟ قال : لا قال إذاً أنت لا تعرفه ..

المهم في هذين الموقفين أن المرء قد يكون بكاءا محافظا على صلاته ولكنه أمام إغراءات الدنيا يسقط عند أول عقبة وإن كانت صغيرة .. لأن النفس كما أخبرنا الله أنها جبلت على حب الدنيا من نساء وأموال (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث) ..

فلا تقل لنفسك أنك تقي إلا إذا اختبرتها عند الحلال والحرام .. هل تسرع في الطاعة وتبطئ عند المعصية ؟ أم لا ؟

فليست الأعمال الظاهرة في الغالب مقياس للتقوى وإنما الرصيد الخلقي الحسن والتورع عن الولوغ في الشهوات والإسراع في طاعة رب العالمين كل هذه مقاييس لمن أراد التقى ..

قال تعالى : “ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون”.

السفر في رمضان

اقترب شهر الخير ..

ولم يعد لي شغل وهمٌّ غير العكوف على نفسي لتهذيبها وتربيتها .. كما يقول الشاعر : لنفسي من نفسي عن الناس شاغل

فعزمت أن أعتزل النت (المدونة ، البريد ، وغير ذلك) .. لأنها من الملهيات إذا لم تكن من العوائق ، وقد ذكر ابن القيم في الأسباب العشرة الموصلة للجنة أن أحدها هو قطع العلائق أو الابتعاد عما يشغل العبد عن طاعة ربه ..

وعزمت أن أستصحب معي في رحلتي (في رمضان) كتاب ربي وأحد التفاسير .. ليكون القرآن أنيسي وجليسي وهاديَّ وسائقي إلى الجنة ..

 

وكثيرا ما يتحدث الناس عن استقبال الضيف (رمضان) والاستعداد له حتى يأتي .. وهذا من كرم الأخلاق أن تتهيأ لضيفك

لكن الأكرم والأجود من يتقدم خارج بيته ليستقبل ضيفه .. وأن يرحل إليه

وقد يسأل سائل وما الفرق بين الأول والثاني على أرض الواقع ..

الفرق أن الأول بقي في بيته ولم يترك كثيرا مما اعتاد عليه من العادات التي تشغله قليلا عن ضيفه ..

أما الثاني فهو كالمسافر الذي استصحب معه ما يبلغه في سفره .. فليس معه ما يصرفه عن ضيفه .. فكأنه وقف نفسه ووقته وماله وجهده لإكرام ضيفه

 

المسافر أيها الأخوة أشعث أغبر منكسر القلب غريب .. ليس معه ما يألفه ويؤنّسه سوى رفيقه في سفره

فكل مقومات الافتقار توفرت لديه ..

فهلا عزمنا على السفر في رمضان ؟

نغترب عن الأوطان والأحباب والمألوفات والملهيات .. فيحصل لنا مرادنا من السفر

ثم نعود في العيد فرحين بما ظفرنا به من الأجر والتهذيب

“للصائم فرحتان ؛ فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه”

ما أرحمك !

لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ

في ثنايا هذه الآية تتضح رحمة الله ولطفه بعباده لأنه يعلم خفايا النفوس ، كيف لا وهو يقول “أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ؟!” ..  يختم الرحمن تبارك وتعالى هذه الآية الكريمة -المذكورة في البداية –  بلفتة حانية ولمسة مسلية للنفس الباحثة عن الشكر والثناء والاعتراف بالجميل .. فكأن الآية تقول مهما أنفقت من نفقة صغيرة أو كبيرة فإنها لا تخفى على ربك .. فالإنسان قد يعمل لأناس آخرين أعمالاً قد لا يشعرون بها فيتألم ويحزن لأنهم لم يعلموا بذلك .. لكن ربنا تبارك وتعالى بهذه الآية يسد جوعة النفس المتطلعة إلى الثناء والمتلهفة على الشكر فيقول “وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ“.

b2c9c5e60c.jpg

التصنيفات :زاوية الروحانيات